بنات أفكاري: عنترة مازال بداخلنا...: دخل إلى منزله مسرعاً، نسي خلع ملابسه، جلس على الطاولة، كان فنجان القهوة ساخناً جداً كحماسه، فاليوم يحتفل العالم بعيد المرأة،فتح اللاب...
السبت، 16 نوفمبر 2019
الاثنين، 11 فبراير 2019
كلوروفيل الحياة.. وسيم سليمان
كلوروفيل الحياة..
أجمل هواياتي في مرحلة الطفولة كانت تربية العصافير، آخرها عصفور من فصيل "الدوري"
أخذته من صديق...
كان إيماني كبير بإمكانية تدجين هذا المخلوق
الجميل، بعكس ما قاله الجميع؛ باستحاله ذلك، لكنه عاش
قرابة الشهرين على برندتِنا الخلفية في منزلنا بريفِ دمشق.. قبل سفرنا الى طرطوس
بأيام وبإلحاح من الأسرة أطلقته... وعندما كبرت زرعت على برندة منزلنا الورود، منها شَجَرتي
ياسمين دمشقي، وأيضاً بعكس التوقعات، عاش الياسمين بأحواض صغيرة لسنوات، مزيناً قهوتنا
الصباحية.
كان السّر بالنسبة لي ينطبق على جميع
الكائنات، على جميع الأشياء، جامدة كانت أم حيّة ، فكريّة أم جسديّة، يتجسّد بكلة
صغيرة هي "الاهتمام" مع قليل من الإيمان، الاهتمام يمكن أن يعيد الحياة
لغصن يابس في شجرة، أو لشيخ هرم فقد كل شيء له في هذه الحياة.
المشكلة في مجتمعاتنا كانت ومازالت تتمثل
بمرض عضال " كبح المشاعر" اللا شعوري.. قمعها .. سمّهِ ما شئت، نحن نمنع
مشاعرنا من الخروج، خجلا أو ربما خوفاً من المجتمع، من ترسباته... كنت استغرب عند
وصولي موسكو، كيف يبكي الناس هنا بذكرى مرّ عليها أكثر من 60 عام "يوم
النصر".. بعد وقت قصير اكتشفت أن الموضوع ليس بهذا التعقيد، هم فقط يسمحون
لأنفسهم بالتعبير، يطلقون لها العنان.
نحن نعبّر عن مشاعِرنا بالاهتمام، قد نكبتها
بدون علمنا، أو بجهل منا، أو ربما بسبب السجن الصغير الذي قوقّعنا به مجتمعنا
الكبير، كلما حاولنا الخروج منه، نظرنا إلى الآخرين، إلى ردود أفعالهم وأقوالهم
وآرائهم، قبل النظر إلى أنفسنا ومشاعرنا وتطلباتنا وحاجاتنا.
من قال أن النباتات بلا أرواح "مخطىء" فكيف إذا تحدثنا عن البشر،
النباتات تشعر بنا وباهتمامنا، تشعر بقربنا..باهتمامنا.. أكاد أجزم بأن المزارع
جزء من عملية التركيب الضوئي التي تنتج "كلوروفيل الحياة" ربما ستسأل ؛
لماذا لا تموت الأشجار بلا المُزارع؟
لأننا وهُبنا هذه الحياة بدورة متكاملة، فالعصافير بأعشاها على أشجار
السنديان تعطيها بعض من الاهتمام والحنان والعكس...ربما هذا مايفسر انحسار الطبيعة
في بلادنا، فنحن قضينها على جزء من تكاملها.
الحيوانات أيضا، تشعر بنا، وتبادلنا المشاعر،
ربما لهذا السبب يربّى الكثير حيواناً أليفاً، ليقي نفسه "نقص المشاعر" مع
هذا المخلوق الخارج قانون "منظومة المجتمع" الذي يمكنك أن تتبادل معه المشاعر
أكثر من الإنسان المثقل بالترسبات.
الاهتمام "كلورفيل الحياة" لا
ينطبق فقط على الكائنات والمشاعر، يمكنك تطبيقه على كل شيء، من الأسرة الى كل
تفاصيل حياتك، دراستك، تصرفاتك، جسدك، هواياتك حتى فكرك، فاهتمامك بقراءة جزء بسيط
من كتاب، سينعش ذاكرتك، واهتمامك بفتاة أحلامك سيجذبها إليك، هذا السر بالنسبة للطبيعة
كالهواء لا تراه لكنك تلمسه، السكينة التي تجتاحك عند دخولك غابة عذراء هو جزء من
هذا الشعور، فالطبيعة أيضا تهتم بك، لذلك حاول الاهتمام بمن تحب، فقد تطلب مني
الأمر أن أهاجر لأعلم أن ذلك ينطبق على الحب.
وسيم سليمان
مجلة سارة - العدد 16 - شباط 2019 - سورية
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)