الجمعة، 18 أغسطس 2017

بانتظار الرجولة .. لقمان ديركي

بعد أن نجحت إلى الصف العاشر بدأ هاجس بزوغ ذقني ينتابني، فهي لم تبزغ حتى الآن في حين كان زملائي يتفننون بحلاقة ذقونهم، وكنت منذ طفولتي أحسد الابن الأصغر لصديق والدي لأنه كان يلبس شورتاً يبرز الشعر الكثيف في سيقانه وأنا بلا شعر في سيقاني..
وكنت معقداً من ساقي الرفيعتين النحيلتين، لذلك كنت أرتدي السراويل الطويلة حتى في درس الرياضة، وعندما وصلت إلى البكالوريا ظلت لحيتي ممتنعة عن البزوغ، فتمنيتُ أن أرسب في البكالوريا كي لا أدخل إلى الجامعة دون لحية. وبناء على أمنيتي تصرفتُ، فصعتُ وضعتُ وفعلتُ كل ما يخطر على البال ما عدا الدراسة ولكنني للأسف.. نجحت.. دخلت إلى الجامعة مملوءاً بالعقد خاصة بعد قراءتي لكتاب "اللامنتمي" لكولن ويلسون. و"الغريب" لألبير كامو، و"الوجود والعدم" لجان بول سارتر. وكان كتاب الغريب لكامو مقرراً في منهاج السنة الأولى لقسم الأدب الفرنسي، فازدادت عقدي أنا طالب الأدب الفرنسي المستجد الذي دخل هذا الفرع بسبب عقد والده أي أبي من عدم معرفته باللغات الأجنبية فجرب تعلمها بي. كان جاري عبد المحسن عديم اللحية مثلي، وكان يحلقها يومياً كي تبزغ، ونصحني بذلك، ولكن لا جدوى، فهناك أماكن كثيرة فارغة في وجنتي، وازدادت عقدي عندما درجت موضة اللحى الطويلة عند الشيوعيين، فكنت أجد نفسي صغيراً أمام هؤلاء الذين يتسلحون باللحى الطويلة تيمناً بماركس وانجلس وسكسوكة لينين التي لم أستطع تقليدها أيضاً، وعلى الرغم من إعجابي بالاشتراكية والشيوعية فقد قررت وبسبب عدم بزوغ لحيتي أن أكون وجودياً لأن سارتر كان حليق الذقن. واستطعت خلال فترة وجيزة أن أُعرَف بكوني وجودياً، وقد استلمني أحد الشيوعيين، واسمه صلاح برو في النادي العمالي، وناقشني في المفاضلة ما بين الشيوعية والوجودية، وكنت أستفزه، وأفضل الوجودية من دون أن أعرف شيئاً عنها كوني لم أفهم شيئاً من كتاب الوجود والعدم، وكان صلاح يعرف عن الوجودية الكثير، ومن معلوماته التي كان يرميها كي يثبت أفضلية الماركسية كنت أتسلح وأواجه وأناقش باستماتة حتى انقسمت الطاولة إلى قسمين أحدهما معي أنا الغر طالب السنة الأولى الذي بلغ بالكاد السابعة عشرة من عمره لأن أبانا يوسف كاتو رفض أن أدرس الصف الأول ووضعني في الصف الثاني مباشرة، فزرع فيَّ عقدة الصف الأول التي عوضتها بأن جلست أربع سنوات في السنة الأولى من قسم الأدب الفرنسي. كانت اللحى منتشرة بشدة في تلك الفترة، وكان أصحابها يتفننون بتشذيبها وتهذيبها، المتدينون من جهة، والشيوعيون من جهة، بينما كنت أمشي بينهم دون لحية ألحق برجولتي الهاربة.. وبزغت لحيتي، ولكن لحية خفيفة يجب أن أحلقها على الدوام كي لا تظهر عيوبها، فهي موزعة بشكل سيئ وقليل على وجهي.. ومرة نسيت حلاقتها لأيام، فقال لي محمد آله رشي: "احلق لحيتك لأنك إذا لم تحلقها لن يظن الناس بأنها لحية بل سيظنون بأن وجهك وسخ.." . وتعقدتُ أكثر.. سنوات وسنوات مرت، وانهار الاتحاد السوفييتي، وحلق الجميع لحاهم، ونسيت عقدتي إلى أن قالت لي حبيبتي: لا تحلق ذقنك، فانصعت لرغبتها، وخرجت بعد شهرين من البيت بلحية فوضوية وأنا أسمع جملة واحدة من الجميع: "ياي.. شو حلوة دقنك.. متل دقن غيفارا"..

منقول
من سيرة الهر المنزلي  ...  الكاتب لقمان ديركي

الاثنين، 7 أغسطس 2017

قدسية الإعلام في التاريخ السوري .. قصة حقيقية

في عام 1954 فوجئ نواب البرلمان السوري بجلوس رئيس البرلمان الدكتور  " ناظم القدسي" على مقاعد النواب وليس على سدّة
الرئاسة، وقبل أن يسألوه تبريراً لذلك، فتح محفظته وأخرج جريدة (الرأي العام)، ثم توجّه إلى النواب قائلاً: أيها الزملاء! لقد وجّهت ليّ جريدة (الرأي العام) تهمة مفادها أنني أمرت بفتح شارع يمرّ قرب قطعة أرض ليّ بهدف رفع سعرها، وأنا منذ هذه اللحظة أضع نفسي أمامكم موضع المتهم، وأطلب تشكيل لجنة برلمانية ترافقها لجنة فنية تذهب إلى موقع الأرض وتعاين على الطبيعة صحّة الاتهام، فإن ثبتت التهمة، أطلب منكم رفع الحصانة عني وتقديمي إلى المحاكمة.
وبالفعل فقد تشكلت لجنة وذهبت إلى الموقع المذكور وعادت بتقرير يثبت بطلان التهمة. فوقف الرئيس القدسي أمام البرلمان وأعلن قائلاً: (إنني أسقط حقي في إقامة دعوى على الصحفيّ القدير الأستاذ (أحمد عسة) رئيس تحرير جريدة (الرأي العام)، احتراماً مني لحرية الصحافة وتقديراً لاهتمامه بالمصلحة العامة..

الأحد، 6 أغسطس 2017

بعض من قصص التاريخ السوري الذي لايتم تدريسه في مناهجنا


 في عام 1915 كنت تجد في حارات  دمشق جثة طفل هنا وجثة شيخ هناك فـالأتراك اخذوا القمح والشعير وكل ما يؤكل ليطعموا
جنودهم في حرب السفر برلك وكان الموت جوعاً قد اصبح من المشاهد العادية وكان البطريرك غريغوريوس حداد من محافظة لبنان السورية قد رهن كل املاك البطريركية واشترى القمح باسعار غالية لينقذ ما يستطيع من البشر من الموت وكان كل من يمر على كنيسة المريمية يأخذ رغيفاً في اليوم يحميه من الموت. 
 في احد الأيام اشتكى الخوري الذي يوزع الأرغفة من كثرة عدد المسلمين في ذلك اليوم فرفع البطريرك الرغيف وسأله هل كتب عليه للمسيحيين فقط ؟  فأجابه؛ لا  ، فقال؛ عليك توزيع الخبز بمعدل رغيف يومي لكل من يريد ، وتدريجياً لم يبقى شيئ من املاك البطريركية لم يتم رهنه ورهن البطريرك صليبه الماسي عند احد اليهود المرابين مقابل الف ليرة عثمانية ولكن احد المسلمين فك الرهن وأعاد الصليب إلى البطريرك الذي عاد فباعه سراً واشترى بثمنه القمح .
في عام 1924 توفي البطريرك وخرج في جنازته مسلمو ومسيحيو دمشق عن بكرة ابيهم وورث البطريرك الكسندروس طحان بطركية مثخنة بالديون والفوائد الفاحشة فباع املاك البطريركية ووفى ديونها.
وفي عام 1974 قررت بطريركية الروم الكاثوليك شراء فيلا السيد محمد اكرم الميداني في ساحة العباسيين لبناء كنيسة سيدة دمشق الحالية، فاوضته لجنة الشراء وانتهى البازار واتفقوا على السعر وكان السيد محمد يعتقد ان الذين يشترون الفيلا مجموعة اشخاص، وعندما سألهم ماذا ستفعلون بالارض اجابه الأب الياس زحلاوي سنبني كنيسة ، فتنازل السيد محمد عن ربع الثمن لأنها كنيسة.
في خمسينيات القرن الماضي مر سلطان باشا الاطرش امام كنيسة يتم بنائها على حدود ارضه فنادى للكاهن وقال له انا متبرع بقسم من ارضي لتوسعة الكنيسة فشكره الكاهن وقال ان الارض تكفي فاجابه سلطان باشا نريد كنيسة تتسع للمسيحيين والدروز 
هذا بعض من تاريخ السوريين مع بعضهم هذه القصص من الضروري ان تكون ضمن مناهج  التربية بالاضافة لما مر من قصص واقعية خلال هذه الحرب و التي تعبر عن معنى الانتماء و المواطنة و الوطن للسوريين

المصدر: وكالات - مصادر تاريخية وإعلامية

السبت، 5 أغسطس 2017

نساء الأنقاض في المانيا .. النهوض بالمجتمع والبدء بالبناء

استسلمت المانيا للحلفاء عام 1945 كانت حطام دولة، حالة احباط وانهيار تام، 5 مليون معتقل، 10 مليون قتيل، مدن كاملة سويت بالأرض، كان هناك حوالي 3,5 مليون منزل مهدم أي ما يعادل 400 مليون متر مكعب.، الشعب عبارة عن نساء، انتشرت فكرة الانتحار، ثم تلاها فكرة النهوض من القاع بقيادة النساء، في غياب تام للحكومة.
نادت لويزا شرودر السياسية في الحزب الاشتراكي  بالبناء والتعمير والنهوض بالبلاد وهى إحدى الناجيات من حوادث الإغتصاب.
 
كان النقص الهائل في أعداد الرجال في تلك الفترة هو الدافع والسبب الرئيسي لإنطلاق هذه الحركة ، بالفعل قامت لويزا بجمع النساء وحثهم على المشاركة وأطلقت على هذه الحركة إسم "نساء الانقاض"
 كان الهدف من الحركة هو التخلص من الحطام المكدس بالشوراع، عن طريق استخراج الأحجار السليمة من بين الأنقاض لإعادة استخدامها، وحمل الحطام وتجميعه على هيئة جبال ليتم نقله بعد ذلك خارج المدن، كل هذا بأدوات بسيطة وبدائية للغاية.
في برلين بلغ عدد نساء الأنقاض ( Trümmerfrau) حوالي 60,000 وفي فترة لا تتجاوز الـ 9 أشهر تم تكسير حطام ما يقرب من 18 مليون مبنى، وتحويله إلى 750 ألف متر مكعب من التراب،تم تجميعها على هيئة جبال في كل أنحاء ألمانيا، لا تزال هذه الجبال موجودة حتى الآن وبعضها تحول إلى أماكن استجمام.
 
كانت الفترة من عام 1945الى 1955مرحلة بناء البيوت, بالامل والايمان صنعوا النجاح.
سميت النساء :نساء المباني المحطمة. عام 1954فازت المانيا بكأس العالم و كانت أصابع أقدام اللاعبين تخرج من أحذيتهم المهترئة. الفترة من عام 1955الى 1965كانت مرحلة بناء المصانع، تم استيراد عمال وكتبوا قيم العمل :جدية +أمل. الفترة من 1965الى 1975ظهرت رؤوس الأموال و رجال الاعمال، تكفل كل رجل اعمال بخمسين شابا يدربهم و يعلمهم، بعدها توحدت المانيا من جديد وسقط الجدار واصبحت اقوى اقتصاد اوربي الى الان، كانت مهمة الاعلام بث الامل....

يتوفر في العديد من المدن الكبرى في ألمانيا نصب تذكاري يرمز إلى شخصية أُطلق عليها اسم "امرأة الأنقاض"

الثلاثاء، 1 أغسطس 2017

هنري كيسنجر: حافظ الاسد أفقدني صوابي!

في سرده لتاريخ الصراع العربي الاسرائيلي والمفاوضات الامريكية السورية، يقول داهية الدبلوماسية الأمريكية (هنريكيسنجر):
سألت الرئيس حافظ الأسد في أواخر عام “1973”:
هل تمانع في عقد مباحثات للسلام مع “إسرائيل”؟
فقال: لا.
هل تمانع في أن يكون مؤتمر السلام في جنيف في شباط؟
فقال: لا.
هل تمانع في حضور ميناحيم بيغن للمؤتمر؟
فقال: لا.
هل وهل وهل؟
وكان الأسد يجيب دوماً بِـ: لامانع..
وبعد خمس ساعات من النقاش حول المؤتمر وجدول الأعمال قلتله:
يا سيادة الرئيس لقد حذروني في البيت الأبيض ووكالة المخابرات منك….
فقد قالوا لي إحْذَر منه فهو شديد الذكاء ولايتهاون في شيء….
فقال لي:ماذا وجدت؟
قلت لم أجد سوى كل إيجابية….
ثمّ قلت: حسناً دعني أقول لك سيادة الرئيس: هل تعتقد أني نسيت أن أطرح عليك سؤالاً:
ما قد يكون غاب عنّي؟
قال لي الأسد مبتسماً: نعم…. لقد نسيت أن تسألني، هل سأحضر المؤتمر أم لا؟؟
قلت له: عفواً بالفعل نسيت، حسناً سيادة الرئيس هل ستحضر سورية المؤتمر؟ وبكل بساطة أجابني، بعد تلك الساعات الخمس: بِلا..
وهذا ما أصابَني بالاكتئاب حينئذٍ