الجمعة، 23 يونيو 2017

ضحايا الكيماوي - وسيم سليمان

وسيم سليمان

تلفتنا المدن الحديثة بجمالها وهندستها وعمرانها، حيث الزوايا الحادة والخطوط المتشابهة المتوازية والهندسة العمرانية بتعقيداتها، لكن تبقى الطبيعة هي ملاذ أرواحنا، بها نفرغ ماجمعناه على مدى أيام في هذه المدن من طاقة سلبية، لذلك تبقى الطبيعة ملاذ النفس البشرية الأخير، لذلك تحرص مخططات المدن الحديثة على توزيع حقول من الحدائق بشكل عادل لسكانها. ماهو السر؟ ربما "النفس البشرية" لاتركن إلا للأشياء الطبيعية، لأنها "النفس" من رحم هذه الطبيعة. الهندسة بمفهومها الواسع لم تتوقف على العمران.. لقد اخترقت كل الأشياء من حولنا .. جمّلتها .. حتى أنها قد وصلت إلى "أم الطبيعة" حواء. برغم قناعتها الشديدة "حواء" بقدرة الطب على هندسة الجمال بأشكال جميلة أحياناً و غريبة ومستغربة أحيانا أ
خرى وعلى جذبنا نحن " آل آدم" إلا أننا لانزال إلى هذه اللحظة نستغرب مصدر تشكل هذه القناعة! الخطوط المتوازية والحادة أحيانا بزواياها المنفرجة باتت تكسو وجه حواء، تحاول جاهدة استخدام أساليب الجذب أو التجميل
بإيجابياتها وسلبياتها، فزودت جميع الجوه بنفس الطبّعة تقريبا في مكان الحاجبين... قبل طلي منازلنا نستخدم "دهان الأساس" كطبقة تسبق اللون، اليوم تستخدم أيضا على الوجنتين حتى بات من المستحيل معرفة عمقها الحقيقي الأمر الذي سبب غرق بعض الشبان المغامرين، ألوان غريبة قد استخدمت مؤخراً، وحالات إغماء كانت قد اصابت شبانا صغار نتيجة جرعة قوية من أحمر شفاه "فاقع" ، اليوم تستخد تقنية جديدة في الشد "الخيطان" ... هناك الذهبي وهناك الشفاف، وما عليك إلا أن تختار، وقد توفي عدد من الأشخاص انتحاراً نتيجة انقطاع الخيط وسقوط الأذنان، مشفى المجانين استقبل حالات هلع ناتجة عن صدمة حادة ناتجة عن تغير وجه الحبيبة قبل وبعد الزواج بيوم واحد فقط ! ... حالات طيران "منفرد" تخطت تجربة عباس بن فرناس بسبب رفرفة رموش اصطناعية طويلة.... وهناك أظافر كانت قد وصلت إلى قاعة الاجتماع قبل يد صاحبتهم بخمس دقائق ماتسبب بأضرار جسيمة في عيون المجتمعين، ولم نتحدث بعد عن ضحايا "السيليكون" الذي بات سبب رئيسي للتشوهات تسبق بمراحل الأخطار الناتجة عن الأسلحة الكيميائية، منها حالات اختلال في التوان نتيجة تضخم الشفاه من جهة واحدة، هؤلاء فقط ضحايا الوجه، ولن نتطرق هنا الى باقي الجسد.. فالنتائج نووية. قناعة غريبة تشكلت في ذهن حواء عن الجمال، أو عن معنى الجمال بالنسبة لآدم، آدم الذي قطف تفاحة طبيعية لحواء بلا روتوش هندسية. ربما نكون اليوم أحوج من أي وقت مضى إلى إعادة تشكيل معنى الجمال في كل الأشياء من حولنا، وهو ليس بالأمر الصعب، فمعايير الجمال تتغير في كل فترة زمنية .. مثلاً زنار الخصر"النطاق" قد تحرك بمرور الزمن من أعلى البطن، منخفضاً مع الوقت، ليصل اليوم إلى الحوض وربما إلى الأسفل بقليل، هذا معيار للتجمل قد تغير في العشر سنوات الأخيرة، لكن إذا قفزنا في الزمن إلى عصر الجاهلية ستصدم عزيزي القارئ إذا علمت بأن الشبان كانو يتغنّون بالنساء السمينات جداً، ربما كان أمراً ناتجا عن انتشار حالات"المجاعة"!! ما هذه إلا دلائل يمكن أن تثبت على إمكانية حرف وتعديل معنى الجمال بالنسبة للرجل، لكن ما على مجتمع النساء إلا المحاولة.
المشكلة في آدم "أعمق" فبرغم قناعته التامة في الكثير من الأحيان بعدم صوابية محاولات حواء التجميلية، إلا أنه لايخفي تأثره الشديد، عند مرور إحداهن بجانبه، مثبتا ذلك بأصوات تشبه صهيل الحصان "أحيانا" ويمكن أن يفيض لديه الشعور ليصدر أصوات حيوانات أخرى، فيعمق بدوره شعورها بأهمية ما تقوم به، وبرغم قناعتها التامة بأن "ملح الرجال هو الكذب" إلا أنها نسيت بأنه في أكثر الأحيان هو "السكر" أيضا، فبذلك يكون "آدم" قد كذب عليها وأذاها بنفس الوقت، لذلك ياسيدتي حذار من ملح آدم المطعم بالسكر.


وسيم سليمان

هناك تعليقان (2):