الجمعة، 30 يونيو 2017

قصور القلب الثلاثيني ... وسيم سليمان

مرت فترة العشرينات من العمر بسرعة كبيرة  .... تقلبت صفحاتها كتقلب دفتر طالب  في المرحلة الأساسية، لم يتوقف إلى ما بداخل وريقاته  بقدر اهتمامه بتقليبها، كتاب لن يعرف قيمته حتى يدركه الوقت، ذكريات تُسرق بلمح البصر دون حساب، قصص حب خالية من المقدمات وحتى من النتائج... بعيدة عن التفكير.. حالة نابعة من مرونة قلبية أم فكرية "لا أعلم" ربما من اقبال على حياة لم أدرك أنها من الممكن ان تنتهي ببساطة شديدة في هذه البلاد ..
بدخولي الثلاثين هناك شيء ما كان قد مات، في العقل، ام في القلب، لا أعلم ... هناك شيء ما يموت بداخلنا مع مضي كل عقد من عمرنا، ليخلف في أنفسنا أو في تفكيرنا عقد كثيرة يصعب فكها وحل ألغازها.. اصعبها عقدة القلب.

القلب في هذه المرحلة مُنغلق، منخفض النبض، ضعيف الاحساس في أغلب الأحيان، منهمك بهموم حياة الجسد الروتينية...أبعده جهد التفكير عن العاطفة، لايفتح أبوابه إلا ماندر فلم يعد يخدع بالمظاهر، وإن خدع فهو على يقين بانها النزوة العابرة التي لن تترك أثراً ..
هذا القلب ان فتح بابه لشخص ما في هذه المرحلة، لن يخرج بسهولة فالحب لديه توحد مع الذات.. ذات الآخر التي لن يعتبرها سوى نفسه .. يأتي صاخبا لا يعرف الحواجز أو الحدود، حدوثه في منصف العمر يجعله حاسماً، حكيماً، لكن ان وقع يحيي ويميت.
دخلت الثلاثين بارداً...وقد مات بعضي خلف طاولة أو بين الجدران ، اخرج صباحاً لارتشف قهوتي خالية المشاعر... لأعود ليلاً الى وسادتي بلا أحلام..فبرد المشاعر يقتل كل إحساس، لكن الشتاء لا يدوم..فتحت نوافذي ، وفي يوم ربيعي فاجأتني جميلة بسؤال؛ ماهو الحب بالنسبة لك؟.... سؤال لم أختبره يوماً .. صدمت لثوان .. نظرت بعينيها باحثاً عن إجابة سريعة .. مختصرة .. رايت نفسي .. فكان جوابي ... بكلمة واحدة الحب هو "أنت"  

وسيم سليمان

الخميس، 29 يونيو 2017

قلوب تائهة .. و .. أرواح تتلاقى - وسيم سليمان



قلوب تائهة .. و .. أرواح تتلاقى 


أشياء كثيرة في هذه الحياة لا يمكن إدراكها بالعقل، فليس كل ما يحدث في هذا العالم مرتبط بالمنطق، أو بحدود معرفتنا الصغيرة لمعادلات الوجود، هناك اشاء خارجة عن قوانين الطبيعة ترتبط باللاماديات أكثر من ارتباطها بالأشياء والأجساد.. 

العلاقات البشرية ترتبط بالأرواح ومعادلاتها لا يمكن ادراكها بسهولة .. كما ترتبط هذه العلاقات بأشخاص لهم في حياتنا تأثير كبير، هؤلاء لا يمكن إلا أن يكون ارتباطهم بأرواحنا حصراً ، والأرواح باعتبارها جزء من صيرورة الحياة لابد أنها ترتبط أيضا بتسلسل ودورة هذا الكون ..فالحياة والموت .. الحب والكراهية .. الوجود او العدم معادلات متطابقة .. تكتسب مقدرتها وقوتها من دورة الحياة والكون .. .

الحب ينبثق بطبيعته من الروح حصراً .. يتخطى الماديات .. أسمى بالمرتبة .. هو ما يجعل العلاقات المبنية عليه تتخطى بأحيان كثيرة المنطق والعقل، أحيانا بتصرفاتنا مع الشريك .. وأحياناً أخرى بأحداث تجري من حولنا ترتبط به.

ابرز اللحظات التي يمكن أن تجعلك تشعر بارتباط هذه العلاقة بالروح وقدرتها الفائقة أحيانا هو لحظة الفراق، الفراق في العلاقات يشبه الموت .. يتشاطر معه الكثير من الصفات، الحزن .. الألم .. لكن أبرزها بقاء الروح تدور في فلك شريكها فترة من الزمن .. أمر يعطيها القدرة على الشعور بوجود شريكها بوقت محدد في مكان ما على أقل تقدير هذه الحالة لاتحدث لفترة طويلة، هي حالة مؤقتة.... يقال أن روح الانسان عندما تغادر الجسد تبقى حوله فترة قصيرة ربما " 24 " ساعة أو اسبوع او أكثر ، تبقى تدور في أماكن صاحبها ، منزله ، حيه السكني ، الطرقات.. كذلك هي الأرواح المفترقة تبقى لفترة من الزمن تدور في فلك محدد.

لا أعلم إن كانت هذه النظرية صحيحة بضعفها .. لكن هذه الحالة هي ذاتها التي انتابتني عندما مررت بساحة الأمويين ذات يوم وشعرت بأنها قريبة، وقفت قليلاً بجانب الرصيف، التقط صورة لكسب الوقت ... علمت لاحقاً بأنها كانت هناك.. وذات الحالة انتابتني في ساحة المحافظة، لم أكترث وقتها لصفارة شرطي السير كان شعوري أقوى من أن يجعلني اسمعه وعلمت بأنها كانت هناك.. 

دوران الروح في فلك أخرى لايستمر، كما الروح التي تغادر الجسد .. تغادر بعد ايام لتنتقل إلى مكان آخر وولادة جديدة ، كتاب الأبعاد كان قد تحدث عن ولادات وأكوان متعددة تمر بها الروح من الرحم إلى الأرض ثم إلى السماء وأخيرا إلى الكون، وكذلك العلاقات ربما بنهايتها تنتقل بنا إلى كون آخر وحياة أخرى .. 
مرت سنة 2016 بتجارب كثيرة ربما هي الأقسى .. منها ما هو جميل ومنها ما هو حزين ، لكن كل الأشياء القاسية المعتّقة بضجيج هذه الحرب، بدت للحظة بسيطة عندما وقفت في المشفى بجانب صديق عزيز فجع باخته، رغم اخفائي انفعالي لكنه كان أقوى مني .. مرت هذه اللحظات كعاصفة خلطت أحشائي من الداخل، لكن روحها المتواجدة في المكان كانت قد أدخلت السكينة إلينا.. او ربما توهمت ذلك عندما نظرت الى السماء .. راجيا انها انتقلت بسلام إلى عالم أجمل من عالمنا المجنون.. علَّ ماقاله هيراكليتوس يكون صحيحاً : "ان الأشياء الباردة ستصبح دافئة والدافئة ستبرد والرطبة ستصبح جافة والجافة ستترطب والخالدون سيزولون والزائلون سيصبحون خالدون وسيعيشون بموت الآخرين ويموتون بحياة الآخرين" ..

وسيم سليمان

الجمعة، 23 يونيو 2017

ضحايا الكيماوي - وسيم سليمان

وسيم سليمان

تلفتنا المدن الحديثة بجمالها وهندستها وعمرانها، حيث الزوايا الحادة والخطوط المتشابهة المتوازية والهندسة العمرانية بتعقيداتها، لكن تبقى الطبيعة هي ملاذ أرواحنا، بها نفرغ ماجمعناه على مدى أيام في هذه المدن من طاقة سلبية، لذلك تبقى الطبيعة ملاذ النفس البشرية الأخير، لذلك تحرص مخططات المدن الحديثة على توزيع حقول من الحدائق بشكل عادل لسكانها. ماهو السر؟ ربما "النفس البشرية" لاتركن إلا للأشياء الطبيعية، لأنها "النفس" من رحم هذه الطبيعة. الهندسة بمفهومها الواسع لم تتوقف على العمران.. لقد اخترقت كل الأشياء من حولنا .. جمّلتها .. حتى أنها قد وصلت إلى "أم الطبيعة" حواء. برغم قناعتها الشديدة "حواء" بقدرة الطب على هندسة الجمال بأشكال جميلة أحياناً و غريبة ومستغربة أحيانا أ
خرى وعلى جذبنا نحن " آل آدم" إلا أننا لانزال إلى هذه اللحظة نستغرب مصدر تشكل هذه القناعة! الخطوط المتوازية والحادة أحيانا بزواياها المنفرجة باتت تكسو وجه حواء، تحاول جاهدة استخدام أساليب الجذب أو التجميل
بإيجابياتها وسلبياتها، فزودت جميع الجوه بنفس الطبّعة تقريبا في مكان الحاجبين... قبل طلي منازلنا نستخدم "دهان الأساس" كطبقة تسبق اللون، اليوم تستخدم أيضا على الوجنتين حتى بات من المستحيل معرفة عمقها الحقيقي الأمر الذي سبب غرق بعض الشبان المغامرين، ألوان غريبة قد استخدمت مؤخراً، وحالات إغماء كانت قد اصابت شبانا صغار نتيجة جرعة قوية من أحمر شفاه "فاقع" ، اليوم تستخد تقنية جديدة في الشد "الخيطان" ... هناك الذهبي وهناك الشفاف، وما عليك إلا أن تختار، وقد توفي عدد من الأشخاص انتحاراً نتيجة انقطاع الخيط وسقوط الأذنان، مشفى المجانين استقبل حالات هلع ناتجة عن صدمة حادة ناتجة عن تغير وجه الحبيبة قبل وبعد الزواج بيوم واحد فقط ! ... حالات طيران "منفرد" تخطت تجربة عباس بن فرناس بسبب رفرفة رموش اصطناعية طويلة.... وهناك أظافر كانت قد وصلت إلى قاعة الاجتماع قبل يد صاحبتهم بخمس دقائق ماتسبب بأضرار جسيمة في عيون المجتمعين، ولم نتحدث بعد عن ضحايا "السيليكون" الذي بات سبب رئيسي للتشوهات تسبق بمراحل الأخطار الناتجة عن الأسلحة الكيميائية، منها حالات اختلال في التوان نتيجة تضخم الشفاه من جهة واحدة، هؤلاء فقط ضحايا الوجه، ولن نتطرق هنا الى باقي الجسد.. فالنتائج نووية. قناعة غريبة تشكلت في ذهن حواء عن الجمال، أو عن معنى الجمال بالنسبة لآدم، آدم الذي قطف تفاحة طبيعية لحواء بلا روتوش هندسية. ربما نكون اليوم أحوج من أي وقت مضى إلى إعادة تشكيل معنى الجمال في كل الأشياء من حولنا، وهو ليس بالأمر الصعب، فمعايير الجمال تتغير في كل فترة زمنية .. مثلاً زنار الخصر"النطاق" قد تحرك بمرور الزمن من أعلى البطن، منخفضاً مع الوقت، ليصل اليوم إلى الحوض وربما إلى الأسفل بقليل، هذا معيار للتجمل قد تغير في العشر سنوات الأخيرة، لكن إذا قفزنا في الزمن إلى عصر الجاهلية ستصدم عزيزي القارئ إذا علمت بأن الشبان كانو يتغنّون بالنساء السمينات جداً، ربما كان أمراً ناتجا عن انتشار حالات"المجاعة"!! ما هذه إلا دلائل يمكن أن تثبت على إمكانية حرف وتعديل معنى الجمال بالنسبة للرجل، لكن ما على مجتمع النساء إلا المحاولة.
المشكلة في آدم "أعمق" فبرغم قناعته التامة في الكثير من الأحيان بعدم صوابية محاولات حواء التجميلية، إلا أنه لايخفي تأثره الشديد، عند مرور إحداهن بجانبه، مثبتا ذلك بأصوات تشبه صهيل الحصان "أحيانا" ويمكن أن يفيض لديه الشعور ليصدر أصوات حيوانات أخرى، فيعمق بدوره شعورها بأهمية ما تقوم به، وبرغم قناعتها التامة بأن "ملح الرجال هو الكذب" إلا أنها نسيت بأنه في أكثر الأحيان هو "السكر" أيضا، فبذلك يكون "آدم" قد كذب عليها وأذاها بنفس الوقت، لذلك ياسيدتي حذار من ملح آدم المطعم بالسكر.


وسيم سليمان